اخفاء القائمة الجانبية من الموضوع

الجزء التاني :قصة كان إبني يسعى لقتلي!


الجزء التاني :قصة كان إبني يسعى لقتلي!

قد يظنُّ البعض أنّني قرّرتُ حينها أن أستقيم، لكن لِما أفعَل؟ فقد كانت حياتي كما رسمتُها ولا حاجة لي لأُبدِّلَ شيئًا فيها.

أحبَّتني سهام، ولوهلة حسبتُ أنّ حياتي اكتملَت، وطلبتُ منها ولدًا وبعد سنة صارَت حاملاً. في تلك الأثناء، تابعتُ أعمالي المشبوهة إلى حين أُلقيَ القبض عليّ بعد أن وشى أحدهم بي. جرَت المُحاكمة بسرعة وأُلقيَ بي وراء القضبان.

تفاجأَت زوجتي كثيرًا عند معرفتها نوع عمَلي. فحتى ذلك الوقت لَم أدَعها تشعر بما أقومُ به، بل بقيتُ أدّعي أنّ لي شركة إستيراد وتصدير ناجحة.


عاتبَتني سهام كثيرًا يوم زارَتني في السجن، إلا أنّها ارتاحَت لدى معرفتها بأنّ لا شيء سينقصُها هي والجنين الذي كان سيولدَ بعد أشهر، ووعدتُها بأنّ أمورًا كثيرة ستتغيّر لدى خروجي الذي كان مُقرّرًا بعد أربع سنوات. كانت تلك الزيارة الوحيدة التي قامَت بها زوجتي لي، إذ أنّها صارَت تتفادى رؤيتي وكرّسَت وقتها لإبننا. لَم تصِلني حتى صورة لولدي، الأمر الذي أحزنَني إلى درجة لَم أتصوّرها مُمكنة. بقيَ صديق لي يرسلُ لها المال نيابة عنّي كما وعدتُها. فبالرغم مِن كلّ سيّئاتي، كنتُ دائمًا أوفي بوعودي.

أُفرِجَ عنّي بعد ثلاث سنوات بفضل سلوكي الحسن، إذ أنّني، إلى جانب عدَم إفتعالي المشاكل في السجن، كنتُ مسؤولاً عن قسم الأشغال اليدويّة وأُديرُه بجدارة. عند خروجي لَم أجِدَ سهام أو إبني بانتظاري، لِذا رحتُ بنفسي إلى البيت حيث كان الإستقبال باردًا خاصّة مِن قِبَل ولدَي الذي لَم يكن قد رآني ولو مرّة واحدة. وفي تلك اللحظة، أدركتُ أنّ ما كنتُ أعمله قد أعطى ثماره السامّة وأنّ عليّ إيجاد الطريق المُستقيم لأستعيد حبّ واحترام عائلتي الصغيرة. لِذا قلتُ لسهام في الليلة نفسها:

 

ـ أنا آسف لأنّني كذبتُ عليكِ وغشَشتُكِ يا حبيبتي وأُجبِرتِ على الولادة وتربية إبننا لوحدكِ... لا يجدرُ بأيّة زوجة أن تمرّ بالذي مرَرتِ به أنتِ... أعدُكِ بأن أُغيّر مساري. سترَين... تعلّمتُ الكثير في مشغل السجن، وسأبحثُ عن عمل عند ميكانيكيّ أو نجّار وستكون لنا عيشة كريمة.

 

ـ ماذا؟!؟ ما هذا الكلام؟!؟ تُريدُني أن أعيش في القلّة بعد كلّ الذي حصَلَ لي؟ لا يا أستاذ، أنتَ مُخطئ! لا بل أُريدُ المزيد! لدَينا ولد عليه أن يتعلّم في أفضل مدرسة وأن يحظى بأفخر ما يكون! أنتَ مدين لنا بالكثير! ستُعاود ما كنتَ تفعله، لكن هذه المرّة عليكَ أن تحترس، فإن ضبطتكَ الشرطة مُجدّدًا، سآخذ إبننا بعيدًا ولن ترانا بعد ذلك. أفهمتَ؟!؟

 

لَم تكن سهام تمزَح فكان مِن الواضح أنّها بغاية الجدّيّة وتفاجأتُ كثيرًا بما قالَته. هل يُعقَل أن تكون زوجتي أسوأ منّي؟ أين كانت تُخبّئ هذا الكم مِن الطمَع؟

وهكذا عدتُ إلى أعمالي الإعتياديّة وعادَت زوجتي تصرفُ المال على نفسها وإبننا. لكن شيئًا كان قد انكسَر بيننا إذ رأى كلّ منّا الآخر على حقيقته البشعة.


كبُرَ ولدُنا ليصير إنسانًا كسولاً ومُدلّعًا ووقحًا وأسفتُ لِما وصل إليه. ولَم تعُد سهام تُعيرُ أهميّة لي أو له، بل فقط لنفسها إذ أنّها جمعَت حولها أسوأ النساء وصِرنَ تذهبنَ إلى بيت إحداهنّ للعب المَيسَر بشكل شبه يوميّ وتخسرُ مبالغ عليّ أنا دفعها نيابة عنها.

أرادَت سهام أن آخذ إبننا ليعمل معي فرفضتُ بقوّة، فكيف لأب أن يجرّ إبنه إلى عالم كعالمي؟ حاولتُ أن أشرَحَ لها أنّ ما يدور في عائلتنا ليس مُناسبًا لشاب مثل إبننا، إلا أنّها نظرَت إليّ بتعجّب وضحكَت بتهكّم. سكتُّ لكنّني بقيتُ على موقفي.

جمعتُ الكثير مِن المال بسبب أعمالي، وزادَ طمَع سهام التي غضَّت النظر عن علاقة غراميّة أقمتُها مع إنسانة طيّبة أحبَبتُها لأنّها حقًّا تستحقّ كلّ ما هو جيّد.

 

0 تعليقات ل "الجزء التاني :قصة كان إبني يسعى لقتلي!"

إرسال تعليق