قصة سيدة نساء قريش .. ( خديجة بنت خويلد )

كان رسول اللَّه لا يخرج من البيت حتى يذكرها ، فيحسن الثناء عليها
هى أم المؤمنين ، وخير نساء العالمين ، السيدة خديجة بنت خويلد -رضى اللَّه عنها - كانت تدعى في الجاهلية : الطاهرة ، لطهارة سريرتها وسيرتها ، وكان أهل مكة يصفونها بسيدة نساء قريش ، وكانت ذات شرف ومال وحزم وعقل ، وكان لها تجارة ، فاختارت النبي ليقوم بها ، وبرَّرت ذلك الاختيار بقولها له : إنه مما دعانى إليك دون أهل مكة ما بلغنى من صدق حديثك ، وعظيم أمانتك ، وكرم أخلاقك.
وقد سمعت من غلامها ميسرة ، الذى رافق النبي في رحلته إلى الشام ، ما أكد لها صدق حدسها ونظرتها في أمانته وصدقه وحسن سيرته في الناس ، فقد روى لها ما رآه في طريق الذهاب والعودة عن الغمامة التي كانت تظلل النبي حين يشتد الحر ، وعن خُلق النبي وسلوكياته في التجارة ، وأخبرها بأنه كان لا يعرض شيئًا عُنْوة على أحد ، وأنه كان أمينًا في معاملاته ، فأحبه تجَّار الشام وفضَّلوه على غيره.
كل هذه الأخبار عن النبي ، جعلت السيدة خديجة - رضى اللَّه عنها - ترغب في الزواج من النبي ، فعرضت نفسها عليه ، وبعثت إليه من يخبره برغبتها في الزواج منه ، لما رأت فيه من جميل الخصال وسديد الأفعال.
وفكر رسول اللَّه في الأمر ، فوجد التي تدعوه إلى الزواج امرأة ذات شرف وكفاءة ، من أوسط قريش نسبًا ، وأطهرهم قلبًا ويدًا ، فلم يتردد.
وتزوج محمد الأمين (وعمره خمسة وعشرون عامًا) خديجة الطاهرة (وعمرها أربعون عامًا) ، فولدت له أولاده كلهم - عدا إبراهيم - وهم : زينب ، ورقية ، وأم كلثوم ، وفاطمة الزهراء ، والقاسم ، وعبد الله.
وكانت - رضى الله عنها - مثالا للوفاء والطاعة ، تسعى إلى مرضاة زوجها ، ولما رأت حبه لخادمها زيد بن حارثة وهبته له .
وعندما نزل الوحى على رسول اللَّه كانت أول من آمن به ، فقد جاءها الرسول يرتجف ، ويقص عليها ما رأى في غار حراء ، ويقول : "زمِّلونى زمِّلوني" أى غطُّوني ، فغطته حتى ذهب عنه ما به من الخوف والفزع ، ثم أخبرها - رضى اللَّه عنها - بما رأى في الغار وبما سمع ، حتى قال : "لقد خشيتُ على نفسي". فأجابته بلا تردد وطمأنته في حكمة بكلماتها التي نزلت عليه بردًا وسلامًا فأذابت ما به من خوف وهلع ، قائلة : "كلا واللَّه ، ما يخزيك اللَّه أبدًا ، إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكلّ ، وتُكْسِبُ المعدوم ، وتَقْرِى الضَّيف ، وتُعين على نوائب الحق" [البخاري].
ثم سارعت إلى التصديق برسالته والدخول معه في الدين الجديد.. فكان قولها الحكيم تثبيتًا لفؤاد النبي ، وتسرية عنه .
إنها لحكيمة لبيبة عاقلة ، علمت بشفافيتها ونور بصيرتها حقيقة الأمر ، وأن اللَّه لا يجزى عن الخير إلا الخير ، ولا يجزى عن الإحسان إلا الإحسان ، وأنه يزيد المهتدين هدي ، ويزيد الصادقين صدقًا على صدقهم ، فقالت : أبشر يابن عم واثبت ، فوالذى نفسى بيده ، إنى لأرجو أن تكون نبى هذه الأمة .
ثم أرادت أن تؤكد لنفسها ولزوجها صِدْقَ ما ذَهَبَا إليه ، فتوجهت إلى ابن عمها ورقة بن نوفل الذي كان يقرأ في التوراة والإنجيل وعنده علم بالكتاب ، فقد تنصر في الجاهلية وترك عبادة الأصنام ، فقصت عليه الخبر ، فقال ورقة : قدوس قدُّوس ، والذى نفس ورقة بيده ، لئن كنت صدقْتينى يا خديجة ، لقد جاءه الناموس الأكبر الذي كان يأتى موسى ، وإنه لنبى هذه الأمة ، فقولى له : فليثبت .
فلما سمعت خديجة -رضى اللَّه عنها- ذلك، أسرعت بالرجوع إلى زوجها وقرة عينها رسول اللَّه ، وأخبرته بالنبوة والبشرى فهدَّأت من رَوْعِه .
وكانت -رضى الله عنها - تهيئ للنبى الزاد والشراب ليقضى شهر رمضان في غار حراء ، وكانت تصحبه أو تزوره أحيانًا ، وقد تمكث معه أيامًا تؤنس وحشته وترعاه .
ولما دخل النبي والمسلمون شِعْبِ أبى طالب ، وحاصرهم كفار قريش دخلت معهم السيدة خديجة - رضى الله عنها - وذاقت مرارة الجوع والحرمان ، وهى صاحبة الثراء والنعيم .
فرضى اللَّه عن أم المؤمنين خديجة بنت خويلد ، كانت نعم العون لرسول اللَّه منذ أول يوم في رحلة الدعوة الشاقة ، آمنت به وصدقته ، فكان إيمانها أول البشرى بصدق الدعوة وانتصار الدين ، وثبتت إلى جواره وواسته بمالها ، وحبها ، وحكمتها ، وكانت حصنًا له ولدعوته ولأصحابه الأولين ، بإيمانها العميق ، وعقلها الراجح ، وحبها الفياض ، وجاهها العريض ، فوقفت بجانبه حتى اشتد ساعد ه، وازداد المسلمون ، وانطلقت الدعوة إلى ما قدر اللَّه لها من نصر وظهور ، وما هيأ لها من ذيوع وانتشار ، فلا عجب إذن إذا ما نزل جبريل على رسول اللَّه يقول : يا رسول اللَّه ! هذه خديجة قد أتتك ومعها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب ، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربِّها ومنى وبشرها ببيت في الجنة من قصب (من لؤلؤ مجوَّف) لا صَخَب فيه ولانَصَب (لا ضجيج فيه ولا تعب) [متفق عليه]. ولا عجب إذا ما تفانى رسول اللَّه ( في حبها ، إلى درجة يقول معها : "إنى لأحب حبيبها" [الدولابي].
وكان رسول الله ربما ذبح الشاة ، ثم يقطعها أعضاءً ، ثم يبعثها في صواحب خديجة" [الدولابى - عنه ابن حجر في الإصابة].
لقد كانت مثاًلا للزوجة الصالحة ، وللأم الحانية ، وللمسلمة الصادقة ، وصدق رسول الله إذ يقول : "كُمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا مريم ابنة عمران ، وآسية امرأة فرعون ، وخديجة بنت خويلد" [متفق عليه].
وتُوفيت - رضى اللَّه عنها - في رمضان قبل الهجرة بأعوام ثلاثة ، في نفس العام الذي تُوفِّى فيه أبو طالب ، عام الحزن كما سماه رسول اللَّه ، حيث فقد فيه المعين والسند ، إلا رب العالمين ، ودفنت بالحجون ، ونزل رسول اللَّه في حفرتها التي دفنت فيها ، وكان موتها قبل أن تشرع صلاة الجنائز
-----------------------------------------
إذا ظهر لك هذا المنشور إضغط #لايك و #شير لتصلك باقي #القصص
او علق بكلمة متابع ليستمر وصول المنشورات لصفحتك
إذا ظهر لك هذا المنشور إضغط #لايك و #شير لتصلك باقي #القصص
او علق بكلمة متابع ليستمر وصول المنشورات لصفحتك
المنشورات ذات الصلة
اشترك في النشرة الإخبارية
0 تعليقات ل "قصة سيدة نساء قريش .. ( خديجة بنت خويلد )"
إرسال تعليق