اخفاء القائمة الجانبية من الموضوع

قصة تغيّرت أختي بفضل...



قصة تغيّرت أختي بفضل...

سبحان الله كيف أنّ أولاد العائلة نفسها يولدون ويكبرون مُختلفين تمامًا عن بعضهم البعض. وخير مثال على ذلك أختي حنان التي لَم يكن اسمها يليقُ بها إطلاقًا. فهي كانت رمز الشرّ والمكر والكراهية. حاولتُ مرارًا إيجاد سبب لطباعها، إلا أنّني لستُ طبيبة نفسيّة لأفهم خفايا النفس البشريّة.

عانَينا جميعًا مِن تصرّفات حنان حين كنّا صغارًا، إذ أنّها أرادَت بسط سيطرتها علينا وإلا استعملَت سبلاً مؤذية جسديًّا ونفسيًّا بحقّنا. حاوَلَ والدانا التدخّل لتوقيفها عند حدّها، لكنّهما خافا منها خاصّة عندما كبرَت وصارَت أكثر تمرّسًا بالشرّ والتخطيط. وأعترفُ أنّني قبِلتُ بأوّل عريس تقدَّمَ لي لأبتعِدَ عن حنان ولأعيشَ بسلام مع أيّ كان عداها. لحسن حظّي أنّ الذي تزوّجتُه كان إنسانًا صالحًا ومُحبًّا.

تزوّجَت أخواتي الواحدة تلوَ الأخرى... ما عدا حنان طبعًا. فمَن هو الذي سيُريدُ ربط حياته بالشيطان؟ أسِفتُ على والدَيّ اللذَين كانا سيبقيان لوحدهما مع حنان، لكن في آخر المطاف، لا بدّ أنّ لهما مسؤوليّة ما في شخصيّة ونفسيّة ابنتهما البكر.

أنجبتُ ولدي الأوّل وأمِلتُ أن يُؤثّر وجود طفل في العائلة على قساوة حنان، فمَن يدري، قد يتحرّك فيها شعورها بالأمومة ويخفُّ شرّها وكرهها للبشريّة بأسرها. لكنّها بالكاد نظرَت إلى صغيري بل أبدَت انزعاجها مِن بكائه قائلة: "أسكتيه أو خذيه مِن هنا وارحلي معه! ". إمتلأت عَينايَ بالدموع، ونظرتُ إلى أمّي التي رفعَت عينَيها إلى السماء وهمَسَت لي: "ما عساني أفعَل؟". بعد ذلك، صارَ والدايَ يأتون إلى بيتي لرؤية حفيدهما تفاديًا للمشاكل.

كانت حنان قد دخلَت الجامعة وحصلَت على شهادة قيّمة وتعمَل في شركة كبيرة كمديرة. وكما قد يظنّ المرء، هي كانت قاسية للغاية مع باقي الموظّفين لدرجة أنّهم كانوا يرتعبون منها. إلا أنّ طباعها كانت مُفيدة لِسَير العمَل، ولهذا السبب استطاعَت المُحافظة على مركزها وليس بفضل محبّة الناس لها. وحين كانت تعودُ في المساء إلى البيت، كانت تصبُّ على والدَيها ما تبقّى فيها مِن أذيّة لَم تستطِع تصريفها في الشركة. هل سكَتَ أبوَاي عن تصرّفاتها بسبب خوفهما منها فقط أم لأنّها كانت تصرِفُ على البيت مالاً وفيرًا؟ ربمّا المزيج مِن الإثنَين، فزوجي وأزواج بناتهما الباقيات كانوا ذوات دخل محدود.

حياة حنان كانت تسيرُ حسب مُخطّطها، فهكذا أشخاص لا يتركون شيئًا للصّدَف لكثرة حاجتهم للسيطرة على كلّ شيء، كلّ ساعة ودقيقة مِن حياتهم، فلو أفلتَت منهم زمام الأمور، لضاعَ منهم سبب وجودهم.

 


المنشورات ذات الصلة

اشترك في النشرة الإخبارية

0 تعليقات ل "قصة تغيّرت أختي بفضل..."

إرسال تعليق