اخفاء القائمة الجانبية من الموضوع

قصة انا وحيدة في هذه الدنيا

 قصة انا وحيدة في هذه الدنيا 



لَم تكن حياتي هنيئة كما هي اليوم، بل مرَرتُ بظروف أعجزُ عن تصديق أنّها حقًّا حصَلت لي، وأحبُّ أن أُسمّي نفسي "الناجية".

حبَستُ لسنوات ذكرى مأساتي، إلّا أنّ أحدهم قال لي إنّ عليّ مواجهة ماضيّ لأنتهي منه. أوّل شيء فعلتُه هو إخبار سامي زوجي الثاني بما مرَرتُ به. هو نظَرَ إليّ بتعجّب وخالَ لأوّل وهلة أنّني ألّفتُ تلك القصّة، إذ لَم يُلاحظ شيئًا عليّ قط. بكى لبكائي وعانقَني بقوّة مُردّدًا:

 

- أنا آسف مِن أجلكِ يا حبيبتي، أنا آسف.

 

وهذا ما جرى لي: كنتُ الإبنة الرابعة لعائلة مؤلّفة مِن ست بنات، فعجِزَ والدايَ عن إنجاب مَن يحمل إسم العائلة، الأمر الذي خلَقَ عند أبي نقمة تجاه والدتي، فهو لَم يعرف أنّ جينات الرجل هي التي تُحدّد جنس الجنين. بعد ذلك، هو تزوّجَ مِن غيرها آملاً بأن يتغيّر شيء، مِن دون جدوى طبعًا. وهكذا وجدَت أمّي نفسها وحيدة مع ست بنات، أو بالأحرى ست مصائب، حسب قولها. لِذا عمدَت إلى الإسراع بتزويجنا الواحدة تلوَ الأخرى وكأنّنا بضائع أو ماشية. لَم يهمُّها كثيرًا مَن يكون الرجل الذي سنقضي معه باقي حياتنا، بل فقط أن ينقص عددنا بسرعة. ولن أعذرها، حتى لو كان الحَمل ثقيلاً عليها وحتى لو عمِلَت بكدّ لتؤمِّن لنا الطعام، خصوصًا أنّنا لَم نطلُب أن نُخلَق أو أن نعيش وسط ثنائيّ لَم يحبّ بعضه البعض. فعلى الولَد أن يحظى على الأفضل، على التقدير والكرامة والحنان إن لَم يكن المال موجودًا. لو فكّرَ الأهل قليلاً بأنّ لأولادهم كيانًا خاصًّا ومُستقبلاً ومشاعر، لَما أساؤوا مُعاملتهم قط.


تزوّجَت أخواتي الثلاث الأكبر وحان دوري، إذ أنّ والدتنا عمدَت إلى اتباع مبدأ المُداورة للتخلّص منّا، فاحتارَت بأمري لأنّني لَم أكن جميلة كاللواتي سبقَتني بسبب قوامي الصغير وملامحي العاديّة جدًّا. قيل لي يومًا إنّ عينيَّ جميلتان لكنّني لستُ أكيدة مِن ذلك. فلقد كبرتُ وأنا أسمَع أنّني بشعة، لِذا لَم أثِق حقًّا بنفسي يومًا.

قَبِلَ بي إبن جزّار لَم أرَه في حياتي، ولَم أُعجَب به عندما جاء وأهله ليتفحّصوا "البضاعة". حاولتُ التهرّب مِن تلك الزيجة وفشِلتُ، فبكيتُ كثيرًا. كنتُ لا أزال في السادسة عشرة مِن حياتي، وكنتُ أريدُ إنهاء المدرسة ودخول الجامعة لأصبَحَ مُحامية. تبخَّرَت أحلامي، ولكن هل كان مسموحًا لي أن يكون لي أحلام؟ فبالنسبة لوالدتي، الأحلام هي للكسالى أو الأغنياء فقط.

 

المنشورات ذات الصلة

اشترك في النشرة الإخبارية

0 تعليقات ل "قصة انا وحيدة في هذه الدنيا "

إرسال تعليق